في محاولة كتابة سبعة رسائل إلى أمي!

 

في محاولة كتابة سبعة رسائل إلى أمي!

 

1- الرسالة الأولى: في معنى النسيان وأزمنته السحيقة:

منذ أن كنت طفلاً صغيراً يا أمي وأنتِ تنصحيني بأن لا أبكِ، وتوبخيني عندما لا أستجيب لنصيحتكِ وتعنفيني أكثر وأنتِ تخاطبيني قائلة بأنني رجل وأن البكاء لم يخلق للرجال!. والله يا أمي تقيدت بنصيحتكِ كثيراً حتى أن والدي رحمه الله عندما لوّح لي تلويحته الآخر وغادر وأنا أحاول تفسير نظراته الأخيرة، وهم ينعشون قلبه الذي توقف، لي لم أبكِ عليه لحظتها، تذكرت عبارتكِ بأن الرجل لا يبكي فأنكفأ الدمع للداخل ببساطة!. خرج كبير الأطباء من غرفة العناية المركزة التي مُنعنا من دخولها وأخبرني بفشلهم في انقاذ حياته وأن ذلك القلب الذي أعطى كثيراً وسامح كثيراً وغفر أكثر قد وصل لمحطته الأخيرة وآن له أن يرتاح ولذلك توقف عن النبض!. قدم لي واجب العزاء ذلك الطبيب فتقبلت العزاء وقبله الخبر بنفس راضية وأنا استرجع وأحوقل وأفكر بكِ وكيف ستتقبلين الخبر بأن رفيق عمرك لأكثر من خمسين عاماً قد تركك في لحظة سهو منكِ!. وقتها يا أمي كان ما يسيطر علي أنا وأشقائي والأقرباء الذين أحاطوا بنا عند غرفة العناية المركزة هو كيف ننقل الخبر إليكِ. لم يجرؤ أحد منا على فعل ذلك، أستعان الأقرباء ببعض القريبات لكي ينقلن لكِ الخبر الحزين، ولا أدري كيف فعلن ذلك والله.

أنا يا أمي وعدتكِ بأشياء كثيرة، ولكن الشيء الوحيد الذي لم أعدكِ به هو البكاء عندما تغادرينني للمرة الأخيرة، ولذلك بكيت/ لأكثر من خمس دقائق حتى تحول بكائي لنحيب، على كتف صديقي كطفلٍ صغير فقد أمه وحليب أمه ورائحة أمه وصدر أمه وطمأنينة أمه، بكيت ولم أنتهِ من البكاء من تلك اللحظة إلى الآن!.

 

2- الرسالة الثانية: في معنى الحنين وخناجره المتجددة:

لا أدري كيف أخبركِ يا أمي بأنني أراكِ في كل شيء، أراكِ في وجه ابنتي الصغيرة وفي يديها الصغيرة وفي أنفها الأجمل، يا أمي أفكر في أن أخرق أنفها لأضع لها زماماً يشبه زمامكِ الذي كنتي تزينينه أكثر مما يزينكِ!. ذلك الزمام الذي فشلت جدتي “الحجية”رحمها الله في نزعه من مكانه عندما أتاك الطلق بأخي الصغير الحبيب “القعدة” والذي نال لقب “بستان القلب” عن جدارة. لا أتذكر من كان يحملك وقتها لسيارة الفولكس واجن الصغيرة للذهاب بكِ إلى المستشفى، فوالدي لا يمتلك سيارة ولا أظن بأنه كان موجوداً وقتها، من “خالفة المحَرَمْ” في بيت الشعر الذي جعلتيه في أعيننا قصراً كبيراً وجدتي تركض معهم وهي تنزع “مجولين” من معصمك وخاتم ذهب وآخر فضة. بعد عمر طويل سألت جدتي رحمها الله لماذا كانت تصر على نزع “الزميّم”، قالت لي بأنه هدية من والدي لأمي وأنها تخاف أن يُنزع منها في المستشفى ويختفي بعدها!. أفكر في ابنتي وأتراجع لأن زمانها مختلف جداً عن زمني وزمانكِ.

أراكِ في صحن “رز أبو بنت” وأنت تقومين بتنظيفه بعد أن يذهب أخواني في الصباح للمدرسة وتزيلين الورق الصغير المرسوم عليه وجه بنت وأنا بجانبكِ أقوم بتجميع الصور الصغيرة وأصنع منهن شقيقات صغيرات يلعبن معي حتى عودة أشقائي من المدرسة. أنتِ الذي لم يشاء الرحمن أن يرزقكِ ببنت كما كنت تتمنين!.

أراكِ في حليب الزنجبيل الذي أحرص على تناوله كل شتاء لا لشيء إلا لأنه يشعرني بأني لازلت قريباً منكِ،قريب إلى حد أنني استشعر كلماتكِ لي ما بين المتوددة والمتوعدة وأنت تطلبين مني تناول الكوب الثاني من الحليب قبل أن أغادر صباحاً للمدرسة وأصبح تحت سطوة شوارع طريف الباردة و”الحليت” الذي يكاد أن يخترق الدماغ عندما تلامسه الأقدام شبه العارية!.

أراكِ في “شوربة الجريش” في رمضان وأنت تقومين بتجهيزها قبل الظهر وتضعينها على النار بعد صلاة الظهر وتراقبينها على النار الهادئة كطفلِ وحيد تولينه كل اهتمامك ومشاعركِ.

أراكِ في “المغزل” و”النطو” وكيف تغسلين الصوف ومن ثم تنشرينه لأيام وبعدها “تنفشينه” بالخيزران ليتخلص من “الحسك” والوسخ الذي لا يزال موجوداً فيه وبعدها يأتي دور المغزل والغزل وغناءك بصوتك الخفيض الجميل بلحن يفشل أعظم موسيقيّ العالم أن يتمثله في مخيلته. هذا الغناء الذي سألتك عنه قبل سنوات من رحيلك فلم تجاوبيني كعادتك عندما أسألك عن كل ما يجلب لك الحنين والوجع لأيامٍ لن تعود. رحلتي وتركتي لي الحنين والوجع وخناجرهما المتجددة يا أمي!.

 

3- الرسالة الثالثة: في معنى التخلص من أشياءك القديمة:

نسيتي أشياء كثيرة داخلي، ولا أدري هل أنا دقيق في اختيار كلمة “نسيتي” أم أنكِ تركتيها عمداً لكي أستذكركِ في كل صباح وأشاهدكِ وأنتِ “تعجنين الطحين وتوقدين الحطب وتضعين الصاج عليه والعصا بجانبكِ لكيلا أقترب إليكِ خوفاً من أن أقع في النار!. كنت أريد أن أخبركِ بعد أن كبرت بأن خوفكِ علينا كان مرضياً، لكنني فشلت في مرات كثيرة والله!. حتى عندما ذهبت للدراسة في الرياض أو كما تسمينها لـ “ديرة الغربة” كنت استشعر ذلك الخوف في نبرات صوتكِ عندما أحادثكِ عبر هاتف العملة والذي نعاني في إيجاد العملة المعدنية حتى نستطيع الاتصال وبعدها نعاني في إيجاد هاتف صالح للعملة ولا يكون مزدحماً بمن يكاد يفضحهم الشوق وهم يرسلون مشاعرهم عبر هذه الأسلاك اللامتناهية الامتداد!.

لنعد لخبزكِ على الصاج، صح، أنا يا أمي كثيرة هي فواصلي في الحياة والأكثر منها الجمل المعترضة الطويلة التي أكتبها أو تكتبني، أشعر كثيراً يا أمي بأن حياتي جملة معترضة طويلة لا بداية لها ولا نهاية، غير مفهومة، مليئة بالفواصل وتكاد أن تنعدم فيها النقط!. أعلم بأن من يقرأ هذه اللحظة هذه الأحرف سيصاب بالدوار لأنه لن يفهم شيئاً وربما سيقفل المتصفح، ولا ألومه كثيراً لو فعل ذلك، فأنا والله لا أدري إلى أين ستنتهي بي تلك الفواصل اللعينة وتلك الجمل المعترضة اللانهائية!.

ما هذا العبث؟، لنعد للحديث عن خبزكِ للصاج، تتذكرين ذلك يا أمي، كنتِ تقومين بتقطيع العجين لأقراص صغيرة وبعدها تأخذين القرص وترققينه بيديكِ الجميلتين وما أن يكبر قليلاً حتى تقومي بتقليبه بين كفيكِ ومع كل حركة يزداد حجم القرص ويصبح رقيقاً أكثر، تستمرين بعملية نقله من كف لآخر بمهارة عجيبة لا أعرف إلى الآن ما هي طريقة عملها الصحيحة وأنا المولع بمعرفة كيف تتكون الأشياء، وبعد أن يكبر تستعينين بساعديكِ ليزداد حجم الرغيف لأكبر قدر ممكن وبعد أن يصل لمنتهاه في الحجم تضعينه بخفة على الصاج في عملية لا استطيع تشبيهها الآن إلا برئيس فرقة أوركسترا  يشير لفرقته الموسيقية  الكبيرة فتتحرك متسقة وبنغم واحد!. تقومين بتقليب الخبز والذي يبهرني عملية نضجه وكيف يتحول العجين من وضعيته الرطبة إلى شيء أصلب قليلاً مع ليونة عجيبة وبخار الماء الذي يتصاعد إلى الأعلى إلى أن يختفي وتتحول رقاقة العجين إلى خبزة شهية. كان أكثر ما يعجبني في الرغيف تلك النقط السوداء الخفيفة التي تتكون عليه. كنتِ تعرفين بأنني أحب طعم الخبز الساخن فتعطيني قطعة من الرغيف الثاني، وأنتِ تقولين: “يا وليدي الرغيفة الأولى ما هي لك”!.

أخبرتيني لاحقاً بأن المرأة “الجيدة” هي صاحبة الرغيف الكبير وغير النيء أو المحترق، وأشهد شهادة حق لك يا أمي، أنكِ امرأة “جيدة” بكل ما تعني هذه الكلمة في لهجتكم اللذيذة من معاني.

 

4- الرسالة الرابعة: في معنى “وش يعرّفك؟”:

وهذه “لزمتكِ” المحببة إلى قلبي والتي تلجئين لها عندما أناقشكِ وترفضين الاقتناع بكلامي وتصرين على رأيكِ وتنهين النقاش بـ: “أنت وش يعرفك يا وليدي، تراك تو طلعت للدنيا”!. كنت في مراهقتي أغضب وأحاول أن لا يخرجني غضبي إلى دائرة العقوق، وعندما تعلمت، أو هكذا ظننت، شعرت بأنني يجب أن أواجهكِ بعدم صحة كلامكِ دائماً. عندما تكاثرت أمراضكِ أوكلت لي مهمة متابعة حالتكِ الصحية وتوفير الأدوية خاصة وأنني صيدلي ويفترض أنني أفهم على الأقل في مجال الأدوية ومع ذلك لم تصدقيني في يومٍ ما بشأن نصائحي لكِ وتوجيهاتي الطبية!. كانت أقرب امرأة تزوركِ وتعطيكِ أي معلومة بخصوص دواء معين إلا وتتمثلينها وكأنها اليقين وأفشل بتغيير فكرتكِ عن ذلك الدواء سلباً أو إيجاباً وتعيدين على مسمعي: “أنت وش يعرفك يا وليدي، تراك تو طلعت للدنيا”!. حتى أتى ذلك اليوم الذي نصحتكِ بعدم تناول علاج معين ولكنكِ رفضتي وحدث ما كنت قد قلته لك حرفياً، ومنذها أعطيتيني “الخيط والمخيط” كما عبرتي يومها في ما يخص الأدوية. فرحت والله بتلك المنحة وكأنها كانت تعني تخرجي من الكلية في ذلك الوقت. كان ذلك فقط في مجال الأدوية أما بقية النقاشات التي تدور بيننا فتحضر الجملة القاطعة والتي أحببتها في سنواتكِ الأخيرة وصرت أستعذبها منكِ: “أنت وش يعرفك يا وليدي، تراك تو طلعت للدنيا”!.

فعلاً يا أمي، أنا أعترف لكِ هذه اللحظة، أنا الولد المتحذلق، مدعي الفهم، الولد الذي دائماً ما يشاغبكِ، أنا الولد نفسه الذي يعترف لكِ الآن بأنه فعلاً لا يعرف شيئاً!.

 

5- الرسالة الخامسة: في معنى أن تحاول قول الشعر وتفشل:

أمي، كوالدي رحمه الله وككل بدوي، أمتطى ظهور الإبل على ما أظن، يقول شعر الهجيني، وأظن بأن الأمر له علاقة بحب البدوي لناقته من جهة ولحب الناقة للأرض التي تسير عليها فتتهادى الناقة على الأرض وهي تسير عليها وكأنها تغازلها بأخفافها “الخفيفة” فتنتج ألحاناً يسمع البدوي همسها وحنينها فيضطر للتعبير عن شعوره بكلمات تتماهى مع ذلك اللحن فتخرج منه على شكل كلمات موزونة وبدون حتى أرادته!.

استطراد غبي لكن لا مانع من محاولة التماهي مع ذلك الغباء بود، أرجع لمحور حديثي، كانت أمي ولأنها حتى عندما تخلت عن حياة البادية ككثير ممن جايلها قد احتفظت بأعماقها بخطوات ناقتها ومعزوفاتها التي تخرج من أعماق العقل الباطن فتلقي عليها كلمات كيفما اتفق فتزهر تلك الكلمات شعراً جميلاً!.

في أحد المرات وأنا استعد للسفر للرياض للعودة للجامعة ناولتنيي ورقة بخفية عن بقية العائلة واستحلفتنيي ألا أفتحها إلا عند وصولي لغرفتي بالسكن الجامعي في جامعة الملك سعود. عندما وصلت للسكن كان أول شيء فعلته بعد أن دخلت غرفتي أن رميت حقيبتي من يديي وأخذت الورقة من جيبتي وفتحتها فإذا هي “هجينينة تتكون من خمسة أبيات منها:

يا طايرة لا تطيرني

شوفي بعيد المسافاتي

أبيك لوليدي توديني

سكن بديارٍ غريباتي

لم استطع أن أرد عليك ببيتٍ واحد!. ومنذها عرفت بأنني لست بشاعر وأن كتبت “خرابيش” كثيرة وسميتها شعراً وربما أعجبت البعض هنا أو هناك!.

الأهم يا أمي، اعتقد بل وأجزم بأنكِ تعلمين بأنني لم أرثكِ بقصيدة ولم أكتب برثائكِ أي شيء آخر غير الشعر، فقط كتبني البكاء، وأظنه أصدق من الشعر، وكذلك كتبني الصمت وأجزم بأنه أصدق من الكلام!.

يا أمي تفهمين حديثي، صح؟، سأكمل بفواصلي اللامتناهية. اعترف بأنني بعدكِ كتبت ألاف القصائد السخيفة ومئات الصفحات من النثر الأكثر سخفاً ومع ذلك لم أفكر يوماً في كتابة ما تستحقينه من رثاء!.

 

 

6- الرسالة السادسة: في معنى الفراغ الذي يتألم:

“……………………………………………………………………………………………………….”!.

 

 

7- الرسالة السابعة: في معنى أن تحاول الكتابة وتفشل:

تتذكرين ذلك؟، مؤكد بأنك تتذكرين مدى غضبكِ مني وأنا أقرأ على الضوء الخافت وأنت تؤنبيني بأن “هالأبيض يا وليدي ترى يسرق الشوف، ترى شوفك يسرّب وأنت ما تدري”!. لكن ما لا تعرفينه بأنه قد حدث ما كنتِ تتخوفين منه، لقد “سرّب الشوف” واحتجت للبس نظارة لأجل القراءة، الآن لا استطيع أنا أقرأ حرفاً واحداً من دونها!. أيضاً عندما أفشل في فهم بعض كلامكِ الموارب وألغازكِ وأسألكِ عن المعنى فتجيبيني بمرارة:” هالجيل ما يعرف قفو الحتسي، ما يعرف إلا هالأبيض بالأسود”!. أنا يا أمي هذه اللحظة لا أعرف “قفو الحتسي” كما أنني لا أعرف الكتابة وأفشل كثيراً في قول ما أريد قوله، ولا أتذكر بأنني، من بعد مغادرتكِ قد كتبت شيئاً وأعجبني، كل ما أكتبه أراه مسكون بالنقص ولا أدري لماذا؟!

كنتِ تشجعيننا على طلب العلم والدراسة وأنت الأمية التي رحلت وهي لا تعرف كيف يكون شكل حرف الألف!. ومع حرصكِ على تعليمنا كنت لا ترين بأن التعليم “المدرسي” الذي نتعلمه هو التعليم الحقيقي بل تريدنا أن نتعلم من الحياة للحياة، وعندما تغضبين منا بسبب سوء تصرف أو سوء تقدير أمر من الأمور كنت ترددين: “كف حلّا، والله ما تعرفون كود هالأبيض بالأسود” كناية عن الكتابة على الورق!.

مضى العمر يا حبيبتي وأنا لا أعرف أن أعبر عما بداخلي بصدق، كل ما أكتبه هو فوضى وهباء، كل ما أكتبه، وخير مثال هنا، هو مجرد “لا شيء” مقارنة بما أريد أن أكتبه في مخيلتي!.

مضى العمر يا حبيبتي دون أن أخبركِ كم كنت أحبكِ، وكم كنت “اشتاقكِ”، وكم كنت أهابكِ، وكم كنت أخاف أن أغضبكِ، وكم كنت عاقاً في الاهتمام بكِ، مضى العمر يا أمي وأنا لا استطيع كتابة رسالة بسيطة لك، مجرد رسالة بسيطة!. أنا “مكسور”يا أمي، “مكسور” أكثر من جميع”الكسرات” التي حاولت أن أضيفها لكِ يا أمي!.

 

 

  • هامش أكبر من نص:

أظنه حان الوقت لأعترف لكِ:

أنا يا أمي لا أعرف الكتابة، ولأجل ذلك سامحيني لا استطيع الكتابة لكِ!.

 

 

الكاتب: aazizrowiliy

عابراً في مفازة الكلام، أحدو خلف نياق المعنى في التيه! aazizrowiliy@gmail.com

رأيان حول “في محاولة كتابة سبعة رسائل إلى أمي!”

  1. الأم… لا كلام يكفي.. ولا شعر يشفع.. ولا نص ينصف.
    الرسالة السادسة كانت أبلغها فعلا.
    لا اخفيك كلما قرأت حديث وداع الام والحنين اليها او عزيت مودعا لأمه اشعر بشعورهم واتمنى ان لا يذيقني الله هذا الشعور فأنا احترق ألما لمجرد ذكر الفراق كيف بمن جربه؟!
    كلماتك تأبى الا ان تسيل منها الدموع مدرارا.
    أسأل الله ان يرحم أمك وان يجعلها منعمه في جناته ضاحكة مستبشرة. وان يجبر قلبك وينزل عليه السكينة. آمين

    إعجاب

    1. كنت أتكلم البارحة مع إنسان عزيز على قلبي، كان يعتصر قلبه الخوف على فقد والدته بسبب حلم مُزعج رُئي له. كانت مهمتي نوعاً ما شاقة في إعادة زراعة بذور الطمأنينة في قلبه، وأظنني نجحت ولا أدري هل كان نجاحي ظاهرياً أم حقيقياً!
      هناك حقائق حياتية وكونية على الإنسان تقبلها في حياته لعل أهمها الفقد! وأسوأ ما يمر بنا هو تخوّف الفقد قبل حدوثه لأن الأمر لا يتعلق بالفقد الذي سيحدث حتماً فبالنهاية الكل سيصبح فاقداً ومفقوداً، ولكن السؤال الذي طرحته على ذلك العزيز، وهو على ما أظن، مهم جداً. ويتلخص السؤال في:
      لماذا نستعجل الحزن على الفقد الذي “قد” يحصل قبل ذلك الفقد؟؟؟
      حزننا الذي “سينكد” علينا حياتنا لن يمنع ذلك الفقد ولن يقلل من الحزن عليه في حاله حدوثه!
      إذا لننسَ ذلك الحزن الذي سيجعل من حياتنا غير جيدة ولنستمتع بمن نحب وقت وجودهم معنا ولنحسن إليهم ولنحبهم ونجعلهن في حالة سعادة وفرح دائم.
      وهناك أمر آخر، الذاكرة، لنشاركهم ذاكرتهم، ثقي تماماً بأن الإنسان لا يموت في قلبك إذا اختزنت ذاكرته في ذاكرتك!
      كوني قريبة لمن تحبين وتحدثي معهم لكي يسترجعوا حيواتهم فأنت بذلك تنجحين في أمرين، الأول أسعادهم وأشعارهم بأنهم لازالوا مهمين ولهم دور في هذه الحياة، والثاني زراعة أرض ذاكرتك ببذور ذاكرتهم، وأنت بهذا الفعل ستضمنين بقائهم معك ما بقيتي على قيد الحياة!
      جزاك الله خير أيتها الكريمة على دعواتك وممتن لها، والعذر من الإطالة في الرد فقد استثرت كامناً بالنفس : )

      إعجاب

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: